لا يخفى أنّ مرجع الإشكال الأوّل إلى دعوى احتمال عدم مدخلية الخصوصية الزائلة في موضوع الحكم العقلي ، ومرجع الإشكال الثاني إلى تسليم مدخليتها في الحكم العقلي ، ولكن يحتمل أن يكون في البين ملاك آخر هو العلّة في الحكم الشرعي لم يطّلع العقل [ عليه ] ، بحيث يكون ذلك الحكم الشرعي ناشئاً عن ملاكين ، أحدهما ما أدركه العقل وهو قائم بالخصوصية الزائلة ، والآخر ما لم يدركه العقل وهو باقٍ لم يزل ، فيدور الأمر في ذلك الحكم الشرعي بين ذي الملاكين وذي الملاك الواحد الزائل ، ولا مانع من استصحاب ذلك الحكم الشرعي بعد فرض خروج الملاك عن موضوعية ذلك الحكم ودخوله في علّته ، فيكون المستصحب هو الحكم الشخصي ، لتردّد علّته بين تلك الواحدة الزائلة وبين العلّتين اللتين قد زالت إحداهما وبقيت الأُخرى ، من دون توقّف في ذلك على الالتزام بالشدّة والضعف ، فراجع ما حرّرناه في أوائل الاستصحاب (١) في مبحث الاستصحاب في الحكم الشرعي الناشئ عن الأحكام العقلية ، وراجع ما حرّرناه قريباً (٢) في شرح عبارة الكفاية في التسامح من ناحية وحدة المطلوب وتعدّده.
وبالجملة : بعد فرض كون الحكم مردّداً بين كونه عن ملاك واحد وكونه عن ملاكين ، يكون المستصحب نفس ذلك الحكم الشخصي ، وليس هو من قبيل المردّد بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، كي نحتاج إلى استصحاب القدر الجامع بينهما ، لما عرفت من خروج الملاك عن موضوعيته ودخوله في علّته ،
__________________
(١) في الصفحة : ٢٦.
(٢) في الصفحة : ٤٦٣ وما بعدها.