______________________________________________________
يفرح به ، وأيضا فإذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد ، انتهى.
ولا يخفى أن ما ذكره قدسسره لا يتفرع على الكتابة في اللوح ، ولا مدخل لها في ذلك ، وقال البيضاوي : ضمير يخلقها للمصيبة أو للأرض أو للأنفس ، وقال في قوله : « لِكَيْلا تَأْسَوْا » فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر ، والمراد منه نفي الأسي المانع من التسليم لأمر الله ، والفرح الموجب للبطر والاختيال ولذلك عقبه بقوله : « وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ » إذ قل من يثبت نفسه في حال الضراء والسراء ، انتهى.
وأقول : الظاهر أن التعليل مبني على أن الإنسان إذا علم أن الله سبحانه قدر الخير والشر له قبل أن يخلقه ، وعلم أن الله تعالى فياض جواد حكيما ، لا يفعل إلا الأصلح بعباده ، لا يأسى على المصائب كثيرا لعلمه بأن صلاحه فيه ، وأن الله تعالى لجودة وحكمته يعوضه عن ذلك ، وأيضا إنما يأسف الإنسان غالبا لظنه أنه كان يمكنه السعي في رفع ذلك فقصر فيه ، وإذا علم أن ذلك بتقديره سبحانه وكان يقع لا محالة لا يأسف من تلك الجهة ، وكذا إذا أعطاه الله نعمة وعلم أنها بتقدير الله تعالى وليس من سعيه حثه ذلك على الشكر والتذلل لله سبحانه ، ولا يطغى ولا يختال ويخاف سلب النعمة كما حكى الله تعالى عن قارون حيث قال : « إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي » (١) وزعم أنه إنما حصل له ما أعطاه الله لسعيه لا بتقديره سبحانه وفضله ، ولذلك طغى وبغى.
وإذا عرفت ذلك فقوله عليهالسلام : إن فينا قول الله ، يحتمل أن يكون المراد به إنا داخلون في حكم هذه الآية ولا تشملنا الآية الأخرى ، فلا يكون المعنى اختصاصها بهم وإذا حملنا على الاختصاص فيحتمل وجهين
__________________
(١) سورة القصص : ٧٨.