ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم وقال أنا معكم فقالوا له نعم ولم يعتذروا إليه وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه مطر فبادروا فلما استوت الغمامة على رءوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة النفر وبقي الرجل مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون عليهالسلام فأخبره الخبر وما رأى وما سمع فقال يوشع بن نون عليهالسلام أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا وذلك بفعلهم بك فقال وما فعلهم بي فحدثه يوشع فقال الرجل فأنا أجعلهم في حل وأعفو عنهم قال لو كان هذا قبل لنفعهم
______________________________________________________
« فلما كان من الغد » قيل : كان تامة والمستتر راجع إلى أمر الدهر ومن بمعنى في ، وفي القاموس : بكر عليه وإليه وفيه بكورا وبكر وابتكر وأبكر وباكره أتاه بكرة ، وكل من بادر إلى شيء فقد أبكر إليه في أي وقت كان ، وقال : الضيعة العقار والأرض المغلة.
« ولم يعتذروا إليه » ربما يفهم منه أنه عرف أنهم كانوا في البيت ولم يأذنوا له ، وفيه نظر بل الظاهر من آخر الخبر خلافه ، ويدل على أنه لو صدر عن أحد مثل هذه البادرة كان عليه أن يبادر إلى الاعتذار وأنه مع رضاه يسقط عنهم الوزر.
« ضعيف الحال » أي قليل المال « قد أظلتهم » أي قربت منهم ، أو الشمس لما كانت في جانب المشرق وقعت ظلها عليهم قبل أن تحاذي رؤوسهم « فظنوا أنه » أي سبب حدوث الغمامة « مطر ، فبادروا » ليصلوا إلى الضيعة قبل نزول المطر ، والنفر لما كان في معنى الجمع جعل تميزا للثلاثة « وأما الساعة فلا » أي لا ينفعهم ليردوا إلى الدنيا « وعسى أن ينفعهم » أي في البرزخ والقيامة.