كان يرجوها بفارغ الصبر ، لقد تم الزواج ببساطة كأنها القناعة ، كأنها الرضى ، كأنها العفة ، كأنها الاستسلام لمشيئة منتظرة ، كأنها السعادة المرجوة على ارتقاب ، وارتبطت حياة فاطمة بحياة علي بالرباط الذي يجب ان يتقاسم عليه كلا الزوجين احكام المصير ، نعيماً بنعيم وبؤساً ببؤس. وتقدمت فاطمة الى ساحة الحياة ، تحمل على منكبيها اعباء المشاركة ، برضوخ المؤمن في استجابته للمشيئة الكبرى ، وكانت المثلبة منها شهادة لها بالاصالة (١).
ولابد ان نذكر هنا ان اول انتاج لفاطمة سيأخذه النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ويرفعه بيديه الكريمتين هو الحسن وتبعه الحسين عليهماالسلام .. ثم بقيت الام تنجب ـ من جسمها النحيل ـ لقد نزلت في البيت الفقير اختان اخذتا اسمي خالتيهما زينب وام كلثوم ، وبقيت الام تشارك بالمجهود ، تارة تسقط العبء فيمد الزوج الامين يد المساعدة ، وطوراً تنهض لمتابعة الجهاد ببطولة ما كانت تجد في الجسم الهزيل تلبية لها (٢).
ومما يذكر بهذا الصدد ان هذه البراعم الخمسة من السلسة المحمدية تمثل كل ما في دوحة الرسالة من فروع ، واختار الرسول الاعظم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لكل من هذه البراعم اسماً ، وهي على التوالي : الحسن ، الحسين ، زينب ، ام كلثوم ، المحسن ، كانوا كالكواكب الزهر حسناً وضياءً ، اما اولاد أمير المؤمنين قاطبة كما تحدثنا المصادر فهم في رواية سبعة وعشرون وفي اخرى ثمانية وعشرون. قال الشيخ المفيد عليه الرحمة في
__________________
(١) فاطمة الزهراء وتر في غمد / سليمان كناني ص ١٣٨.
(٢) المصدر السابق / ص ١٤٠.