والتّجارب قد أثبتت ذلك ورأيناها رأي العين في زماننا هذا ، وإن سمعنا أيضاً الكثير عن ماضي ، ولهذا فقد أثبتت تلك التّجارب بطلان كلّ ادّعاء خلاف ما ذكرنا ، وزيف كلّ داعٍ إلى اختيار النّاس ، وإلى تحكيم ما يطلق عليه في لسان الغرب بالدّيمقراطيّة ، وكلّما تقدّم بنا الزّمان ظهر بطلان هذه الدّعوات للعيان اكثر ، ويئس النّاس من دعاة الدّيمقراطية ، وأيقنوا بمدى زيف هذه المحاولات في إسعادهم وسلامتهم ، حتى زعم بعض علماء العامّة من المتأخّرين والمعاصرين وحتى القدماء أنّ الخلفاء الأربعة كانوا منصوبين من قِبَلِ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متجاهلين ما في صحاحهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم « من بعدي اثنا عشر أمير » أو « خليفة » أو « إمام » وأنّ « كلّهم من قريش » (١) واختلفوا في تفسيره وتطبيقه على مصاديقه ، رغم أنّ في بعض كتبهم روايات صريحة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تنصّ على أسمائهم وتدلّ على أعيانهم ، ولم يتمسّك بها سوى فرقة واحدة من فرق المسلمين أطلق عليها الإماميّة الاثني عشريّة.
فالإمام يجب أن يكون منصوباً من عند الله تعالى ، وأن
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٨ / ١٢٧ ، صحيح مسلم ج ٦ / ٣ ـ ٤.