والعالم أو أن الفطرة تحكم بلزوم رجوع الجاهل الى أهل الخبرة ، فالشّرع المقدّس لا ولن ينهىٰ عن حكم العقل ولا عن حكم الفطرة ، وحينئذٍ فكلّ أمر يصدر في الشّريعة المقدّسة بوجوب التقليد أو الحثّ عليه فإنّما هو إرشاد وتنبيه الى العمل بحكم العقل أو الفطرة ، ولكن قد يحكم العقل أو الفطرة بقبح العمل بتقليدٍ ما ، أو قد يذمّ العقلاء نوعاً من التقليد ، وهنا أيضاً فالشارع المقدّس ينهي عن هذا النّوع من التقليد ، ولمّا كان رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة والى العالم من القسم الأول دون القسم الثاني فإنّه ممّا أمر به الشارع الحكيم وهو رئيس العقلاء.
وبعبارة أصحّ وأوضح فإنّ أقصى ما قد يقال أنّ العقل والفطرة يحكمان بقبح التقليد ، وأنّ عمل العقلاء وسيرتهم جرت على ذمّ التقليد وتركه ، إلا في مورد خاص وهو لزوم ووجوب وضرورة رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة والعلماء فيما يجهل من اُمور دينه ودنياه ، وحينئذٍ فهذا النّوع والمورد الخاص خارج عن ذلك الحكم العام ، ويكون مطلوباً في الشريعة لابدّ منه ، هذا أوّلاً.
ولهذا فإنّ الشريعة الغرّاء منعت عن
التقليد المذموم والمنهيّ عنه بحكم العقل أو الفطرة أو سيرة العقلاء ، مثل تقليد الجاهل للجاهل ، وتقليد من ليس بمجتهد مطلقاً ، وكتقليد الفاسق الذي لا