في حدّ ذاته ، فمثلاً قوله ـ تعالى ـ : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) (١) ، أو قوله عليهالسلام « بك عرفتك ، وأنت دللتني عليك ولولا أنت لم أدرِ ما أنت » (٢) ، أو قوله عليهالسلام « عرفت ربّي بربّي » (٣) وغيرها من الآيات والأخبار إنّما هي صريحة واضحة في أنّها إرشادات وتنبيهات إلى حكم العقل أو الفطرة ، وأمّا أقوال وبراهين الفلاسفة الإلهيّين ، مثل « برهان الصّدّيقين » وهو كيفية معرفة الله ـ تعالى ـ باالله ، الذي يعدّ إشارة إلى قول المعصوم عليهالسلام : « عرفتُ ربّي بربّي » أو « بك عرفتك » ، وهو يتضمّن هذه المعاني ، وكيف يعرف الإنسان ربّه بربّه ؟ وهكذا البراهين التي أقامها الفلاسفة الطبيعيّون مثل « برهان الحركة » أو « برهان المعرفة »أي معرفة النفس أو « برهان الحدوث » أو « برهان الإمكان » ، وما شابهها من البراهين إنما هي تنبيهات وإرشادات إلى حكم الفطرة والعقل ليس إلا.
والحاصل أنّ مَنْ تجلّت ذاته لمقدّسة ، ونوره الأنور ، ووجوده الأقدس ، وعظمته وكبرياؤه في كل مخلوقاته ، لا يخفى
__________________
(١) سورة الطور : ٣٥.
(٢) الصحيفة السجادية ( الابطحي ) : ٢١٤ و ٢٤٨ ، اقبال الاعمال ج ١ / ١٥٧ و ٢٩١ ، بحار الأنوار ج ٣ / ٢٧٠.
(٣) فيض القدير ج ٦ / ٢٣٥ ، شرح الأسماء الحسنى ج ١ / ٣٦.