ومعرفة ، ولو وَجَدَ فيها كلمةً مؤلَّفة من تلك الحروف ، أو كلاماً مؤلَّفاً من الكلمات ، فإنّه بقدر ما فيها من الدّقة في التأليف والتركيب ، يؤمن ويصدّق بمدىٰ علم المؤلّف ووعيه وثقافته ، ثم يستدلّ بذلك على مدىٰ علم القائل والمؤلّف وحكمته ، أفهل تركيب نباتٍ من العناصر الأوّلية أقلّ أهميّة للاستدلال على عظمة صانعه وعلمه وحكمته ، من تلك العبارات والجمل التي لا ينكر دلالتها على علم المؤلف لها ؟!
مجرّد التأمّل في صنع شجرة وإيجاد عروقها التي تتفرّع منها آلاف الأوراق في نظام محيّرٍ مدهش ، والقدرة التي اُودعتْ في كلّ خليّةٍ من خلايا الورق كي تمتصّ الماء والغذاء بواسطة الجذور من أعماق الأرض ، يكفي للإيمان بالعلم اللامتناهي والحكمة اللامتناهية للصّانع الحكيم : ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) (١) ، ( أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ ) (٢) ، ( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) (٣). فالتأمّل في كلّ نباتٍ وفي كلّ شجرة من
__________________
(١) سورة النمل : ٦٠.
(٢) سورة الواقعة : ٧٢.
(٣) سورة الحجر : ١٩.