أعماق الآفاق والأنفس ويُسبر أغوارها ، فيستخرج دفائن كنوزها ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) (١) ، ويتّخذ الأرض ةالسَّماء مسرحاً لاستعراض مواهبه ومحطة لجولان قدرته وفكره ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ) (٢).
فما عسى أن يقوله الإنسان في مقابل عظمة هذا العلم والقدرة والرَّحمة والحكمة سوي ما نطق به كتابه الكريم ( فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) ، وما عساه أن يصنع سوي أن يعفّر خدّه وجبينه بالتّراب ويقول : « سبحان ربّي الأعلى وبحمده ».
بمقتضي الآية الكريمة : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) (٣) ينبغي التّأمّل في آفاق العالم وأطرافه ، المليء والمزدحم بملايين الكواكب والنّجوم والشّمس والقمر ، التي لا يُرىٰ أكثرها بالعين المجرّدة ، ولا تصلنا لتطلّ علينا أنوارها وأشعّتها إلا بعد آلافٍ من السنين الضّوئية ـ التي تبلغ سرعتها قرابة ثلاثمائة ألف كيلومتراً في الثانية الواحدة ـ ، ويفوق
__________________
(١) سورة العلق : ٣ ـ ٥.
(٢) سورة لقمان : ٢٠.
(٣) سورة الفصّلت : ٥٣.