حجم بعضها حجم الكرة الأرضيّة بملايين المرّات ، وبينها فواصل مرسومة ، تدور في فلكٍ معيّن ، يحكمها قانون الجاذبيّة العام ، يرسم تعادلاً بينها ، وتوازناً في حركتها ليحول دون وقوع الصّدام بينها ، وإصطدام بعضها ببعض ، ويمنع تزاحم بعضها لبعض : ( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (١).
ج : كافّة التّطورات التي تحصل للمادّة ، والتغيّرات التي تجري في الطّبيعة تدلّ على قدرة تفوق المادّة وأعظم من الطّبيعة ، إذ تأثير المادّة والمادّي مرهون بالوضع والمحاذاة فالنار التي تسخّن بحرارتها جسماً ـ مثلاً ـ ، أو المصباح الذي ينير بأشعّته وضيائه فضاءً ومساحةً ، لم يكن ليتحقّق منهما هذان الأثران في الجسم والمكان ـ الفضاء ـ لولا حصول نسبة وضعية خاصة ومحاذاة بينهما وبين الجسم والمكان المنفعل والمتأثّر بهما ، هذا قانون تكويني ثابت يعمّ كلّ مادة ومادّي ، ولا يستثنى منه شيء ، إذا لابدّ من حصول هذه النّسبة المعيّنة وهذا الوضع الخاص لوقوع التأثير بين المؤثر والمتأثر ، والفاعل والمنفعل ، ولمّا كان حصول هذه النّسبة وهذا الوضع بين الموجود والمعدوم محالاً ، فإنّ تأثير
__________________
(١) سورة يس : ٤٠.