المادّة والطّبيعة في الحوادث المادّيّة والمستجدّات الطّبيعيّة محال أيضاً ، فكلّ معدوم يكتب له الوجود في السَّماوات والأرضين يكون آيةً بيّنة ودليلاً قاطعاً على وجود قدرة غنيّةٍ في تأثيرها عن الوضع والمحاذاة ، وهي خارقة للطّبيعة ، وفوق الجسم والجسمانيّات : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (١).
د : الإنسان مفطور مجبول على الإيمان بالله ـ تعالى ـ ، فالإيمان يجري في فطرته مجرى الدّم في عروقه ، لأنّه لا يستغني في ذاته وفطرته عن سند يستند إليه ، وعن كنفٍ يكتنف به ، وحصنٍ حصينٍ يلوذ إليه ، وقدرة يعتمد عليها ، بل بفطرته يحتاج إلى من يستند إليه ويتكوّل عليه ، غير أنّ انشغاله وتعلّقه بالعلائق المادّيّة يفرضان عليه حجاباً يمنعه من العثور على ذلك الحصن الحصين والكنف المنيع.
فإذا ادلهمّتْ به الخطوب ، ونزل به البلاء ، وأحاطت به النوائب من كلّ حدبٍ ومكان ، وحلّ به اليأس والشّقاء والحرمان ، وأيقن بأنّ مصابيح الأفكار عن هدايته منطفئة ، وأيدي القدرة عن نصرته عاجزة ، وأبواب الرَّشاد بوجهه
__________________
(١) سورة يس : ٨٢.