المحضة التي هي لم تأتِ إلا باعتباره ـ تعالى ـ لها جهة حُسْنٍ أو جهة قُبْح كعدد ركعات الصّلوات الخمس ، أو مقدار الزّكاة ، أو عدد الطّواف ، أو ما شابه فإنّها قد لا تكون حسنة أو قبيحة بذواتها ، أي قد لا تكون لها جهة حسن أو قبح ذاتيّين ، بل حسنها يكون باعتبار أنّ الله ـ تعالى ـ أمر بها ويكون قبحها باعتبارأنّه ـ تعالى ـ نهى عنها ، ولعلَّ بعض الاُمور التّعبّديّة أو جُلّها تكون من هذا القبيل ، أقول لعلَّ ولا أجزم بذلك.
س) : ذكرتم أن الأفعال تتّصف بالحُسْن والقُبْح الذّاتيّين وأنّ الله ـ تعالى ـ لا يجوز أن يصدر منه القبيح أو يأمر به ، وقد يجب صدور الحَسَن منه أو قد يجب أن يأمر به ، أليس هذا يعدُّ تجاوزاً على الله ـ تعالى ـ فيما يصدر أو لا يصدر منه ؟! وألم يكن حكماً عليه ـ تعالى ـ وفرضاً وإلزاماً فيما يصحّ أن يفعل وما لا يصح ؟! وأنّى للعقل المخلوق القاصر أن يأمر الله ـ تعالى ـ وينهاه ، أو يحكم عليه فيما يصح أن يفعل وما لا يصح ؟!
ج)
: كلا ، ليس الأمر كما تظنّ ، بل المراد
أولاً : أنّ الله ـ تعالى ـ حين خلق الأفعال وأوجدها ، خلقها حسنةً أو قبيحة فحسنها وقبحها ذاتيّان لا أنّه تعالى خلقها ثم اعتبر وجعل بعضها حسناً وبعضها الآخر قبيحاً ، ليكون حُسْنها وقُبْحها جعليّاً