(٦٨) ) (١) ونحو قوله : ( وإذ أخذنا من النّبيّن ميثاقهم ومنك ومن نوح ) (٢) ، ونحو قوله : ( والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ) (٣) ، وقوله : ( حم (١) ) (٤).
قالوا : جميع ذلك مجاز.
ولو خلينا والظاهر ، لقلنا : إنه ليس بداخل في الأول. فإن قالوا : أليس الإقرار والتصديق من العمل الصالح؟ فلا بد لكم من مثل ما قلناه ، قلنا : عنه جوابان؟
أحدهما : أن العمل لا يطلق إلا على أفعال الجوارح ، لأنهم لا يقولون : عملت بقلبي ، وإنما يقولون : عملت بيدي أو برجلي.
والثاني : أن ذلك مجاز ، وتحمل عليه الضرورة. وكلامنا مع الإطلاق (٥).
ولا نريد الاسترسال في تطبيق أمثلة الممارسات البيانية الجديدة في مجاز القرآن العقلي من خلال علاقته في وجوه الاستعمال بل نريد التأكيد مجددا أن تتبع شذرات هذا المجاز في هذا العطاء الضخم ، قد مثل لنا الإرادة الاستعمالية المتطورة ، والمناخ الفني المضيء ، بما أفاده من قدرة خارقة في استيحاء التلازم الذهني بين الأصل وهو على طبيعته لم ينقل منها ، وبين الفرع الذي هو المجاز في إداركه من خلال الترابط البياني لدى الانتقال من معنى الى معنى جديد بحكم الإسناد ، لا بحكم الألفاظ ، وتلك ميزة المجاز العقلي في القرآن العظيم ، إفصاحا منها في ترجمة المشاعر ومسايرة العواطف ، وصيانة اللغة والتراث والشريعة دفعة واحدة.
وبذلك يتحقق الغرض الفني والغرض الديني بلحاظ مشترك أنيق.
__________________
(١) الرحمن : ٦٨.
(٢) الأحزاب : ٧.
(٣) الحديد : ١٩.
(٤) محمد : ١.
(٥) ظ : الطوسي : البيان في تفسير القرآن : ١/ ٢٨٥.