وقبل هؤلاء كان أبان بن تغلب الكوفي ( ت : ١٤١ هـ ) قد ألف كتاب « الغريب في القرآن » وذكر شواهده من الشعر (١).
وبعد هذه الجريدة في معاني القرآن وغريب القرآن ، يبقى « مجاز القرآن » ، ويبدو أن التسمية بهذا العنوان كانت من سبق أبي عبيدة ، معمّر بن المثنى الليثي ( ت : ٢١٠ هـ ) فكان من أوائل من كتبوا في هذا الأسم بالذات بالمؤشر الذي أوضحناه ، فوضع كتابه « مجاز القرآن » على هذا النحو ، وهو كتاب لغة وتفسير مفردات ، لا كتاب بلاغة وبيان ، والدليل على ذلك أنه قد يسمى « غريب القرآن » باعتباره ترادف الغريب والمجاز عندهم ، كترادف الغريب والمعاني ، وقد نص على تسميته بهذا الإسم « غريب القرآن » ابن النديم (٢).
وقال إبن خير الأشبيلي :
« وأول كتاب جمع في غريب القرآن ومعانيه : كتاب أبي عبيدة : معمر بن المثنى ، وهو كتاب المجاز » (٣).
وقد أيّد الزبيدي هذا الاتجاه فقال :
« سألت أبا حاتم عن غريب القرآن لأبي عبيدة الذي يقال له المجاز » (٤). وهذان النصان يؤيدان ما نذهب اليه أن لا علاقة لمجاز أبي عبيدة بالمجاز الصطلاحي ، حتى قال محققه الدكتور سزكين : « ومهما كان من أمر فإن ابا عبيدة يستعمل في تفسيره للآيات هذه الكلمات : « مجاز » كذا » و « تفسير كذا » و « معناه كذا » و « وغريبه » و« تقديره » و « تأوليه » على أن معانيها واحدة أو تكاد.
ومعنى هذا أن كلمة « المجاز عنده عبارة عن الطريق التي يسلكها
__________________
(١) ظ : الخوئي ، معجم رجال الحديث : ١/ ٣٢.
(٢) ظ : ابن النديم ، الفهرست : ٥٢.
(٣) ابن خير ، الفهرست : ١٣٤.
(٤) الزبيدي ، طبقات النحويين : ١٢٥.