الى الحقيقة في الألفاظ إضاءة جديدة ، لولاه لم تكن متميزة بهذا الشكل البياني الأصيل.
ثالثا : ـ وبعد هذه الحقيقة الفنية ، وجدنا أن مجاز القرآن لا يختلف عن المجاز العربي بعامة ، فهو في القرأن نوعان :
مجاز عقلي ومجاز لغوي ، بغض النظر عن التفريعات الأخرى التي لا تتعدى حدود التقسيم العام ، أو هي جزئيات تابعة لكليّ المجاز باعتباره عقليا ولغويا. وبحثنا بعض الإضافات في المسميات عند القدامى ، وبعد جهد جهيد أرجعناهما الى هذين الأصلين في دور النضج البلاغي ، وكان ذلك جهدا فريدا قائما على أساس الاستدلال البديهي تارة والقياس المنطقي تارة أخرى ، مستندا في كل ذلك الى التعبير القرآني ليس غير.
رابعا : ـ انتهينا أن مجاز القرآن : عقلي ولغوي ، فاللغوي ما استفيد فهمه عن طريق اللغة وأهل اللسان ، بما يتبادر إليه الذهن العربي عند الإطلاق في نقل اللفظ من معناه الأصل الى المعنى الجديد. والعقلي ما استفيد فهمه عن طريق العقل ، وسبيل الفطرة في الذائقة من خلال جملة من الأحكام الطارئة التي تجري على الجملة ويحكم بها العقل عند الإسناد. والقرآن قد استوعب نماذج النوعين حينما نحاول استخراجهما من بحره المحيط.
٣ ـ في الفصل الثالث : أقمنا عند مجاز القرآن وخصائصه الفنية فكان فصلا متميزا يستند الى الكشف المضني ، والاستقراء الدقيق ، والملاحظة السليمة النافذة ، بدأناه بخصائص المجاز الفنية في مراعاة المناسبة المانعة من الخلط المرتجل تارة ، والضابطة من المجاز المشوه تارة أخرى ، فكانت النقلة في خصائص المجاز نقلة حضارية وإنسانية الى مناخ أوسع شمولا ، وأبلغ تعبيرا ، إذ تشيع هذه النقلة في النص القرآني : الحياة في الجماد ، والبهجة في الأحياء ، وتضيف الحسّ الى الكائنات ، فيصورها القرآن جميعا : ناطقة تتكلم ، ورائدة تتصرف ، فضلا عن سلامة الألفاظ في المؤدى ، وصيانة الذات القدسية عن الجوارح ، وتعاليه عن الحركة والانتقال. ولدى اقتران الغرض الفني في القرآن بالغرض الديني ، لمسنا خصائص المجاز الفنية في القرآن الكريم فكانت :