ظهورهما ، وأحيا ما أمات القرآن ، واتبع كل منهما هواه بغير هدى من الله ، فحكما بغير حجة بينة ولا سُنة ماضية ، واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشد ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين » (١).
وحول الحكمين قال عبدالله بن عمر : ( انظروا إلى ما صار أمر هذه الاُمّة ، إلى رجل لا يبالي ما صنع ، وآخر ضعيفاً ) (٢).
ولم يكتف معاوية بالبغي على إمام زمانه وقتل في هذا البغي آلاف المسلمين وخيرة الصحابة ، بل استمر في بغيه بالاعتداء على الأبرياء الذين يوالون الإمام عليّ عليهالسلام باعتباره الخليفة الشرعي ، وكان يبعث الغارات على المدن التابعة للدولة الإسلامية التي يحكمها الإمام علي عليهالسلام فبعث بسر بن أرطأة ـ وهو من الصحابة ـ في ثلاثة آلاف إلى الحجاز وإلى المدينة فدخلها فخطب في الناس وهدّدهم وقال : ( والله ما لكم عندي من أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبدالله ) فلما سمع الصحابي جابر ابن عبدالله انطلق إلى أُم المؤمنين أم سلمة وقال لها : ( ماذا ترين ؟ انّي قد خشيت أن أُقتل ، وهذه بيعة ضلالة ) ، وكان ذلك الجيش يقتل ( من أبى أن يقرّ بالحكومة ) (٣).
ثم مضى بسر بن أرطأة إلى اليمن فقتل جماعة من أهلها ، ومنهم طفلان صغيران لعبيد الله بن العباس (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٧٧. والكامل في التأريخ ٣ : ٣٣٨.
(٢) نهاية الأرب ٢٠ : ١٥٩.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ١٣٩.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ١٤٠.