فالآية الكريمة ناظرة إلى مجموع الاُمّة ، أمّا الأفراد فقد وضع صلىاللهعليهوآلهوسلم مقياساً لاتصافهم بالخيرية كما جاء في قوله.
وفي حجة حجّها عمر بن الخطاب رأى من الناس دعة ، فقرأ هذه الآية ، ثم قال : ( من سرّه أن يكون من هذه الاُمّة فليؤدِ شرط الله فيها ) (١).
وذهب أحمد مصطفى المراغي إلى أنّ الخيرية مختصة بمن نزلت فيهم الآية في حينها ، ثم وسّع المفهوم مشروطاً بالاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال : ( ... أنتم خير أُمّة في الوجود الآن ، لأنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون إيماناً صادقاً يظهر أثره في نفوسكم ... وهذا الوصف يصدق على الذين خوطبوا به أولاً ، وهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه الذين كانوا معه وقت التنزيل ... وما فتئت هذه الاُمّة خير الاُمم حتى تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) (٢).
وأضاف محمد رشيد رضا : الاعتصام بحبل الله ، وعدم التفرّق ، إلى شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال : ( شهادة من الله تعالى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن اتّبعه من المؤمنين الصادقين إلى زمن نزولها بأنّها خير أمّة أُخرجت للناس بتلك المزايا الثلاث ، ومن اتّبعهم فيها كان له حكمهم لامحالة ، ولكن هذه الخيرية لا يستحقها من ليس لهم من الإسلام واتّباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ الدعوى وجعل الدين جنسية لهم ، بل لا يستحقها من أقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحجّ البيت الحرام والتزم الحلال واجتنب الحرام مع الاخلاص الذي هو روح الإسلام ، إلاّ بعد القيام بالأمر
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ١ : ٤٠٤.
(٢) تفسير المراغي ، لاحمد مصطفى المراغي ٤ : ٢٩.