ولم يسلم إلاّ بعد فتح مكة ، فكيف يصح التعميم ؟!
وصفات الرحمة بينهم والشدة على الكفّار ، هي التي أوجبت لهم المغفرة والأجر من الله تعالى ، ومن لا يتصف بهذه الصفات فخارج موضوعاً عنهم ، وقد حذّرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الاقتتال الداخلي فقال : « لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعضٍ » (١).
فقد قتل عبدالرحمن بن عديس البلويّ عثمان بن عفان ، وعبدالرحمن من الذين بايعوا بيعة الرضوان (٢) ، وحارب معاوية الإمام عليّاً عليهالسلام ، بعد أن أهدى إلى قيصر الروم ذهباً وفضة ليتفرغ إلى حرب الإمام عليّ عليهالسلام (٣) ، فكان مخالفاً لصفة الذين آمنوا وهي الرحمة بينهم والشدة على أعدائهم ، فقد وادع عدوّه ، وحارب وليّه. وقتل في معركة صفيّن خيار الصحابة ومن المهاجرين الأوائل ، كعمّار بن ياسر وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين.
وقتل معاوية الصحابي حُجر بن عديّ ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحقه وحق من قتل معه: « يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات » (٤).
وإذا برّر البعض ما فعله معاوية بأنّه كان مجتهداً ـ كما سيأتي ـ فلا اجتهاد لبسر بن أرطأة حينما قتل طفلين لعبيدالله بن العبّاس بن
__________________
(١) مسند أحمد ٦ : ١٩. وصحيح البخاري ١ : ٣٩. وصحيح مسلم ١ : ٨٢.
(٢) تاريخ المدينة المنوّرة ٤ : ١٥٥.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٩٨.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣١.