استغفرنا له ، ومن أصرَّ فالله أولى به ، ولا تخرقنَّ على أحد ستراً » (١).
فوجود منافقين بين الصحابة ، يعني أنّنا لا نستطيع أن نحكم على أفراد الصحابة بالخيرية والعدالة ، وإنّما ننظر إلى سلوكهم ومواقفهم العملية ، فمن كان سلوكه وموقفه مطابقاً لقواعد الإسلام الثابتة فهو من الاَخيار والعدول ، ومن لم يكن كذلك ، فلا نحكم عليه بالخيرية والعدالة ، وإنّما نصفه بالوصف الذي يستحقّه دون الحاجة إلى تبرير سلوكه وموقفه تارة بالتأويل وأُخرى بالاجتهاد ، فما دام النفاق موجوداً لدى بعضهم في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه مستمر بالوجود بعد وفاته ، وخصوصاً أنّ المنافقين أصبحوا في مأمنٍ من كشف الوحي أسرارهم.
الآية الثانية : قال الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ... ) (٢).
نزلت الآية في الذين أسلموا إسلاماً غير مستقر ، قال الزمخشري : ( على حرف : على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه ، وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم لا على سكون وطمأنينة ... قالوا : نزلت في أعاريب قدموا المدينة ، وكان أحدهم إذا صحّ بدنه ونتجت فرسه مهراً سرياً ، وولدت امرأته غلاماً سوياً ، وكثر ماله وماشيته ، قال : ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلاّ خيراً ... وإن كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلاّ
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ٢ : ٣٩٩.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ١١.