الأنصار ، فآواه وآزره وشاركه في داره(١) ، وقد تحقق الإخاء بأفضل صورةٍ في تاريخ البشرية ، واستجاب له المهاجرون والأنصار عن قناعة وتسليم واطمئنان ، حتى وصل الأخاء إلى قمته ، فكان الأنصاري يطلّق إحدى زوجتيه ( فيخيّر أخاه المهاجر في إحداهما ) (٢).
وكان المهاجرون والأنصار ( يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدّماً على القرابة ) (٣).
وقد حقق ذلك الإخاء دوراً في إنجاح المسيرة الإسلامية والتفرّغ إلى العمل الجاد لدعوة الناس إلى الإسلام ، والجهاد في سبيل الله ، فتكاتفوا في حمل أعباء الرسالة ، وتبليغها.
ولم يمض على استقرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمهاجرين إلاّ أشهر معدودة حتى دعاهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الجهاد ، فكانت فرصةً جيدة لمعرفة الذين آمنوا حقاً من الذين في قلوبهم مرض ومن المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام خوفاً ، فاستجاب الذين آمنوا وترسّخ الإيمان في قلوبهم فخرجوا في غزوات لملاحقة قوافل المشركين ، وكانوا لايستريحون من أعباء الغزوة حتى يشاركوا في غزوة أُخرى قاطعين المسافات الطويلة استجابة لله ورسوله.
فقاوموا واجتازوا كل الصعوبات والأخطار والمشاكل والمعوقات الواقعة في طريقهم ، واستمروا في المسيرة التكاملية متعالين على هوى
__________________
(١) السيرة النبوية ، لابن كثير ٢ : ٢٠٤.
(٢) تاريخ المدينة المنورة ١ : ٤٨٨.
(٣) الفصول في سيرة الرسول ، لابن كثير : ١٢٠.