والفلاسفة الشيعة المتأخرون عن الخواجة طرحوا المسائل الكلامية الضرورية في الفلسفة وبحثوا فيها وحللوها بالاسلوب والمنهج الفلسفي فوقفوا أكثر من المتكلمين الذين اعتمدوا الأسلوب القديم فصدر المتألهين أو الحاج السبزواري مثلا ولو أنهما لم يعدّا في زمرة المتكلمين فإن لهما أثراً حضورياً يفوق أي أثر حضوري لأي متكلم ) (١).
مع ضعف الأمة الإسلامية وتخليها عن روح البحث والإبداع إلى التقليد والاكتفاء بأتباع السلف واجترار تراثهم وإنشاء الشروح والحواشي على مؤلفات الأولين ومصنفاتهم كان لابدّ أن تتجمد الذهنية الإسلامية عموماً والكلامية خصوصاً رغم الرفض القرآني الحاسم لنزعة التقليد الأعمى والتحجّر على أمجاد الآباء .. ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ) (البقرة : ١٧٠). وقوله تعالى : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباؤكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) (الزخرف : ٢٣ ـ ٢٤).
لقد امتدت هذه الحقبة قروناً طويلة استمرت إلى نهاية القرن التاسع عشر ميلادي ومطلع القرن العشرين ( لقد انقضت قرون عديدة
__________________
١ ـ مرتضى مطهري ، الكلام والعرفان ، ص ٥٢.