النقلة المنهجية الخامسة :
قدم ( علم الكلام ) في تاريخه الطويل خدمات جليلة للعقيدة الإسلامية في نصرة الدين ودحض الشبهات وتبكيت الخصوم إلاّ انه بقي قاصراً إلى مراحل تاريخية متقدمة ان يتجاوز طابع الجدل الذي انعكس بقوة على مطالب العلم وموضوعاته ومناهجه وآلياته.
إن السمة الجدلية لهذا العلم خاصة في المرحلة الثالثة من تاريخه افرزت عدة عوائق ساهمت في تعطيل نمو هذا العلم بالشكل المطلوب وحبسته في دائرة ضيقة فأفتقد الحس الموضوعي في عرض آراء الخصوم ومناقشة المذاهب الأخرى وكتب الملل والنحل شاهدة على ذلك بما تعج به من افتراءات واختلاق فرق لا وجود لها إلاّ في مخيلة بعض المصنفين بغية ان تأتي تصنيفاتهم مطابقة لحديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( تنقسم أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة ... ).
لقد بلغ التعصب المذهبي الذي غذاه المنحى الجدلي أن تتوسل بعض الفرق بالسلطان للتنكيل بالفرق الأخرى والشواهد التاريخية على ذلك عديدة.
النقلة الهامة والخروج عن دائرة الجدل إلى الصبغة البرهانية كانت اساساً على يد الخواجة ( نصير الدين الطوسي ) كما اشرنا في الفصل