قبل أن يظهر في الإسلام كتاب جديد في علم الكلام ذلك ان المؤلفات في هذا العلم ترجع إلى القرنين الثالث والرابع الهجري وما صنف بعد ذلك لم يكن إلاّ استئنافاً للتي وردت في تلك المؤلفات السابقة ) (١).
لقد اقترنت دعوات الإصلاح في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بنداء لإحياء الفكر الديني فزعماء الاصلاح أدركوا جيداً أن الجمود العقائدي والتقليد الفكري أحد الأسباب الأساسية لتخلي الأمة عن ريادتها الحضارية للعالم وتخلفها عن ركب الأمم الأخرى. ويمكن اعتبار الافغاني وعبده وأمثالهما من رواد هذه المرحلة لأنهم حاولوا نقد الفكر الديني من الداخل وتحليل أبعاد الأزمة. متجاوزين الأطر التقليدية الضيقة في التعاطي مع العقيدة.
وجمال الدين الافغاني في رسالته ( الردّ على الدهريين ) يقدم الدين في عقائده الأساسية والخصال التي كرّسها كسبيل وحيد لحياة اجتماعية تستند إلى بناء وأساس مدني محكم وأن إنكار الدين لا يقود المجتمع إلاّ إلى الانحلال والضعف ويستقرىء جملة من المجتمعات التي شهدت صعوداً في مرحلة من حياتها لكنها شهدت تقهقراً يرى الأفغاني أن سببه
__________________
١ ـ فهمي جدعان ، أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ١٩٧٩ ص ١٩٧.