النقلة المنهجية الثانية :
لم يفتأ باقر الصدر في مواطن عديدة ، ينتقد المنهج التجزيئي المعتمد في تحليل القضايا وطرح المسائل حيث أن الرؤية التجزيئية كثيراً ما تجني على الفكرة وتسيء إليها ، لأنها تقدمها مشوهة ومنقوصة وأحياناً تحملها ما لا تريده ، والمتتبع للتراث الكلامي يلحظ بيسر ما لهذه النزعة التجزيئية في التعامل مع النص من نتائج وخيمة وعلى التفكير العقائدي بسبب النتائج الخاطئة أحياناً وغير الدقيقة أحياناً أخرى التي تؤدّي إليها.
فالنظرة التجزيئية هي التي جعلت بعض الاتجاهات تتجمد في حدود حرفية بعض الآيات لتثبت لله يداً ورجلا ووجهاً ، وتنسب له الاستواء على العرض بمعانيها الحقيقية غافلين عن الآيات المحكمة الأخرى والكثيرة التي تنزّه الله عن الجسمية والتشبيه وتجزم أنه ( ليس كمثله شيء ) وأنه ( ولا يحيطون به علماً ).
لقد تغلغلت هذه النزعة وحطمت الوحدة الموضوعية للمقطع القرآني الواحد أحياناً بعزل الآيات عن سياقها فيستشهدون بقوله عزوجل ( والله خلقكم وما تعملون ) ( الصافات : ٩٦ ) لإثبات أن الله خالق أفعال العباد في حين أن الآية أجنبية عن هذا المدلول إذ أنها تتحدّث عن الأصنام بما هو