هي التي أعقبت عصر الترجمة الذي بدأ مع المنصور العباسي ( ١٣٧ ـ ١٥٨ هـ ) وبلغ ذروته مع المأمون العباسي ( ١٩٨ ـ ٢١٨ هـ ). لقد استفاد المتكلمون من ترجمة الفلسفة وإشكالات الفلاسفة وآرائهم فقد ( كانت العرب بعيدة عن التفكير الفلسفي حتى شاهدت نموذجاً منها في ترجمة بعض الكتب الفلسفة اليونانية المترجمة إلى العربية في أوائل القرن الثاني للهجرة وبعدها ترجمت كتب متعددة في أوائل القرن الثالث الهجري من اليونانية والسريانية وغيرها إلى العربية وآنذاك اصبحت طريقة التفكير الفلسفي في متناول أيدي العموم ) (١).
وساهمت حركة الترجمة في انتشار الفلسفة مما دفع التفكير الديني عند المسلمين لمحاولة التوفيق بين معطيات الفلسفة والمضامين الاعتقادية كما دفعهم للذب عن العقيدة ودفع شبهات المنكرين وإشكالات المعاندين فكان عصراً ذهبياً للكلام رغم كل ما شابه من صراعات خرجت عن حدّها المعقول من الجدال الفكري والمذهبي الصرف بل اتخذت أبعاداً سياسية خطيرة أضفت على الصراع حالة من التعصّب المقيت لا تتحمّل التعدد والتنوع وترنو لإقصاء الطرف الآخر ولو بقوة السلاح.
__________________
١ ـ محمد حسين الطباطبائي ، الشيعة في الإسلام ، دار التعارف ، ص ١٢٧.