إلى مرحلة ما بعد دخول الفلسفة اليونانية أثر عصر الترجمة حيث شق عليهم نسبة هذا السبق الإبداعي للمسلمين والمكسب الحضاري في تاريخهم. يقول السيد محمد حسين الطباطبائي ( قدس سره ) : ( وليس الأمر على ما ذكره بعضهم ان التكلم ظهر وانشعب في الإسلام إلى الاعتزال والأشعرية بعد انتقال الفلسفة إلى العرب ، يدلّ على ذلك وجود معظم مسائلهم وآرائهم في الرويات قبل ذلك ) (١).
ولا ينقضي العجب من الشيخ المظفر على جليل قدره وعظيم شأنه حِينَ يسقط في نفس الشبهة التي أثارها هؤلاء المستشرقين فيقول ( أما علم الكلام فلا يشبه الفلسفة لأنه إنما نشأ عند المسلمين لردّ عادية الفلسفة المهاجمة خوفاً من أن تؤثر على العقيدة الإسلامية أو ما يرونه عقيدة إسلامية ) (٢) ويقول في موضع آخر ( لما هاجمت الفلسفة أفكار المسلمين وأوجبت اضطرابهم وتبلبلهم وقد كان الناس في السابق يقدّسون الفلسفة ويتلقّون أفكارها كوحي منزل نشأ من ذلك حالة من الازدواجية تدعو إلى التوفيق مهما كلّف الأمر بين ما جاء به الإسلام وما جاءت به الفلسفة ولو بتأويل ما جاء به الإسلام لصالح ما جاءت به الفلسفة في الحالة التي يوجب فيها تعارض وتغاير بين الاثنين فنشأت مذاهب ومدارس فكرية مختلفة متناحرة نتج عنها فتن كثيرة سالت فيها دماء كثيرة ) (٣).
__________________
١ ـ محمد حسين الطباطبائي ، الميزان ، مؤسسة الأعلمي ١٩٩٧ ، ج٥ ، ص ٢٨٤.
٢ ـ محمد رضا المظفر ، الفلسفة الاسلامية ، ص ٧٦.
٣ ـ م. ن ، ص ٧٧.