كل الظواهر الاجتماعية تفسيراً غيبياً لاهوتياً يعزل هذه الظواهر عن أسبابها وعن القوانين التي تحكمها لتربطها مباشرة بالإرادة الإلهية .. وتقصي نهائياً إرادة الإنسان في التاريخ .. وتسقطنا في حبائل الجبر والصرف .. ان هذا التوهم مدفوع بحزم وقوة ... لأن فعالية ( الله ) في المجتمع والطبيعة والتاريخ لا تعني البتة تحنيط الإنسان وتجميد إرادته ... ( وسنبيّن في الفصل الثالث ذلك من خلال شرح مفصل لهذا الدور الإلهي .. في حياة الإنسان ... ).
وعلى مستوى ( الدولة ) لا تخلو العقيدة من مدلولات هامة ... ففي رسالة ( منابع القدرة في الدولة الإسلامية ) تحدث باقر الصدر عن عطاءات العقيدة في هذا المضمار واعتبر الدولة الإسلامية نموذجاً فريداً لما تمتاز به من خصائص تجعل حركتها الحضارية حركة مستمرة لاستنادها إلى عقيدة توحيدية صلبة. فالتركيب العقائدي للدولة الإسلامية الذي يقوم على أساس الإيمان بالله وصفاته وتجعل من الله هدفاً للمسيرة وغاية للتحرك الحضاري الصالح على الأرض هو التركيب العقائدي الوحيد الذي يمد الحركة الحضارية للإنسان بوقود لا ينفذ (١).
ان العقيدة الإسلامية تحول عمل المسلم وحركته في ظل المجتمع المسلم والدولة المسلمة إلى عبادة تتهاوى معها الحواجز بين السماء والأرض .. والحياة والغيب ويندمج الإنسان في مسيرة متوازنة بالله نَحوَهُ سبحانه وتعالى.
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر ، الإسلام يقود الحياة ، ( م. س ) ص ٢٠٢.