فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم * قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ) (١).
فالمسيح ( عليه السلام ) ينفي بشدة ما ينسبه المسيحيون إليه من مقام الألوهية.
يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره القيم ( الميزان ) عن هذه المحاورة وهذا الكلام العجيب الذي يشتمل من العبودية على عصارتها ، ويتضمن من بارع الأدب على مجامعه يفصح عما كان يراه عيسى المسيح ( عليه السلام ) من موقفه تلقاء ربوبية ربه ، وتجاه الناس وأعمالهم فذكر أنه كان يرى نفسه بالنسبة إلى ربه عبدا لا شأن له إلا الامتثال لا يرد إلا عن أمر ، ولم يؤمر إلا بالدعوة إلى عبادة الله وحده ولم يقل لهم إلا ما أمر به ربه : أن اعبدوا الله ربي وربكم.
ولم يكن له من الناس إلا تحمل الشهادة على أعمالهم فحسب ،
__________________
(١) سورة المائدة آية ١١٦ ـ ١١٩.