تر النور دفعة واحدة ، ومما يلفت النظر فإن المسيحيين يعتقدون أن المسيح ( عليه السلام ) لم يكتب شيئا ولم يأمر أحدا من تلاميذه بتدوين أقواله وأعماله ، ولكن قد طلب منهم أن يشهدوا ويبشروا بما رأوا وسمعوا فكانت نقطة الانطلاق للرسل هي البشارة والشهادة للمسيح ( عليه السلام ).
ومن هنا بدأ التقليد المسيحي وهو التذكير المشترك بهذه الحوادث من جيل إلى جيل. ( ولهذا فالتقليد الشفوي يعتبر الينبوع الذي نهل منه الرسل وتلاميذ الرسل ليدونوا أسفار العهد الجديد. على أن هذا التدوين للتقليد الشفوي لم يتم بإرادة الرسل أيضا فمرقس مثلا حسب أوزابيوس قد دفعه إلى التدوين المستمعون لبطرس الرسول الذي وجد نفسه أمام الأمر الواقع ، فبطرس حسب اكليمنضوس لم يتدخل لا راضيا ولا رافضا (١) ).
وأما الشروع في كتابة الأناجيل رغم عدم طلب يسوع المسيح ( عليه السلام ) من التلاميذ ذلك فيعزونه إلى أسباب عديدة منها ، ( رغبة المسيحيين بالحصول على معلومات أكثر عن حياة وتعاليم المسيح ( عليه السلام ) يحتفظون بها ، وكذلك تقدم السن بالرسل الأولين وشدة الاضطهادات التي كانت تحيط بهم ، إضافة إلى ظهور الأفكار العقائدية الباطلة تحت تأثير الوثنية واليهودية والتي انتشرت
__________________
(١) نفس المصدر : ص ١١٥.