وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل ، والله أسأل توفيقه للصواب » (١).
يقول علم الهدى (٢) : « إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه في ما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتّى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟! (٣).
وقد عرف قول المرتضى هذا واشتهر حتّى ذكره عنه علماء أهل السنّة الكبار ، وأضافوا أنّه كان يكفّر من قال بتحريف القرآن ، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه : « كان من كبار المعتزلة الدعاة ، وكان
__________________
(١) هو الشيخ محمّد بن محمّد النعمان ، الملقب بالمفيد ، البغدادي ، المتوفى سنة ٤١٣ ه ، أوائل المقالات في المذاهب المختارات : ٨١.
(٢) وهو الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي المتوفى سنة ٤٣٦ ه.
(٣) نقل هذا في مجمع البيان ١ : ٤٣ ، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.