ومن أدلّته ،
ما رواه الكليني أنّ الصادق عليهالسلام أكل دجاجة مملوءة خبيصا (١). في « القاموس » : ( الخبيص : المعمول من التمر والسمن ) (٢).
وجه الدلالة ، أنّ ذلك يستلزم نشر الحلاوة في الدجاجة وما فيها مع مسّ النار.
وفيه ، أنّ محلّ النزاع ليس إلّا العصير الّذي غلا فصار أسفله أعلاه وأعلاه أسفله ، لا مجرّد مسّ النار.
فإن قلت : العلّة هو مسّ النار.
قلت : قياس حرام فاسد عند القائل به ، لعدم ظهور كون العلّة ذلك ، سيّما على رأيكم من أنّ حرمة الغالي قبل ذهاب الثلاثين بعيد محض ، وأمّا ما ظهر من القدماء والأخبار أنّ العلّة هي التشبّث بالسكر ، وغير خفي أنّه لا يتشبّث إلّا إذا كان مائعا ، كما هو الحال في أخذ الخمور ، بل في صورة الميعان أيضا إذا غلا وطبخ منضما إلى غيره مثل الأرز ، والطحن غير ظاهر تشبّثه به وصيرورته حراما.
روى ابن إدريس رحمهالله في آخر « السرائر » عن محمّد بن علي بن عيسى أنّه كتب إلى أبي الحسن علي بن محمّد عليهماالسلام : « عندنا طبيخ يجعل فيه الحصرم ، وربّما يجعل (٣) فيه العصير من العنب ، وإنّما هو لحم يطبخ به ، وقد روي عنهم في العصير أنّه إذا جعل على النار لم يشرب حتّى يذهب ثلثاه [ ويبقى ثلثه ] ، وأنّ الّذي يجعل من العصير في القدر (٤) بتلك المنزلة ، وقد اجتنبوا أكله إلى أن يستأذن مولانا في
__________________
(١) الكافي : ٦ / ٣٢١ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٧٣ الحديث ٣١٢١٧.
(٢) القاموس المحيط : ٢ / ٣١١.
(٣) في السرائر : ( وربّما جعل ) ، وما في المتن موافق لما في وسائل الشيعة.
(٤) كذا ، وفي المصدر : ( الّذي يجعل في القدر من العصير ).