علم الرجال كلّ من كان ثقة عنده.
فيكون هذه الرواية من غير الثقات عنده جزما.
نعم ، يظهر منه في « عدّته » وغيره أنّ خبر غير الثقة إذا كانت منجبرة بجابر يظهر منه صدقه ، يكون حجّة أيضا ، مثل أن يكون منجبرا بعمل الأصحاب (١).
وبالجملة ، يظهر من كلامه في « العدّة » وغيره ظهورا تامّا ـ بل بعنوان الصراحة ـ عدم حجّية مثل الرواية المذكورة البتّة ، كما لا يخفى على المطّلع.
ومن هذا يظهر من كلامه في « التهذيب » عدم حرمة هذا الجمع ، بل وعدم كراهته أيضا ، فلاحظ في جميع كتب فتاواه صرّح بانحصار حرمة النكاح في الأمور الّتي عدّها ، ولم يذكر من جملتها (٢) هذا الجمع أصلا ، بل ولم يذكر في المكروهات أيضا ، ولا في الآداب أيضا ، موافقا للصدوق وغيره من فقهاء الشيعة من المتقدّمين والمتأخّرين ، بل جميع المسلمين أيضا ، مع أنّ كتابه « النهاية » على طبق أحاديثه الّتي أوردها في « التهذيب » وعمل بها ، كما هو مسلّم عند المحقّقين ، بل بيّن بالوجدان والمشاهدة ، فلا حظ وتتبّع واختبر ، حتّى يحصل لك اليقين بذلك.
ومع ذلك حال « نهايته » حال سائر كتب فتاواه ، على حسب ما ذكرنا.
مع أنّ عادة فقهائنا المسامحة في المستحبّات والمكروهات ، كما هو معلوم عند كلّ من له فهم واطّلاع ، حتّى أنّهم كثيرا ما يعملون في المقام المذكور بخبر ضعيف رواه العامّة في كتبهم ، بل ورواه بعض منهم مع نهاية ضعفه ، كما لا يخفى.
بل ربّما يكتفون بفتوى فقيه من دون وجدان خبر أصلا ، مثل ما صدر
__________________
(١) عدّة الأصول : ١ / ٣٧٦ ، الاستبصار : ١ / ٣ ـ ٤.
(٢) في النسخ الخطّية : ( من حملها ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.