ظهر منه ومن كتبه الأخر عدم فتواه بحرمة الجمع المذكور بالبديهة ، بل ربّما كان كلامه صريحا في عدم الحرمة ، كما عرفت ممّا ذكرنا ، بل عرفت عدم فتواه بالكراهة وترك الأولى ، فضلا عن الحرمة.
وأيضا ، يذكر هو وغيره لهذه الأحاديث عنوانا يظهر منه قوله واعتقاده بمضامينها ، بخلاف الرواية المذكورة ، إذ عرفت أنّه لم يذكرها في باب نوادر علل النكاح ، فضلا أن يذكرها في أبواب النكاح ، فضلا أن يذكر لها عنوانا ثمَّ يذكر (١) الرواية دليلا له ، كما هو عادته في « العلل » ، فضلا عن غيره.
فإن قلت : يمكنه الجواب بأنّ هذه الأخبار الّتي لا تحصى في التعقيب تحمل على الاستحباب بملاحظة ما يظهر من أخبار أخر : أنّ التعقيب بكذا وكذا مستحبّ.
قلت : لا معارضة بلا شبهة.
فإن قلت : من أخبار أخر : أنّ التعقيب مستحبّ.
قلت : على تقدير تسليم وجود ما يظهر منه الشمول لهذه الأخبار ، وحتّى لما ورد من أنّ سجدة الشكر واجبة ـ مثلا ـ بناء المستدلّ على تقديم الخاصّ ، ويكون البناء على التخصيص البتّة لا غير.
ومع ذلك ربّما كان ناقل الخبر لم يبن على غير التخصيص ، كما ادّعاه في الرواية المذكورة وبنى أمرها على ذلك قطعا وأصرّ في ذلك بالجملة (٢).
[ و ] كما استدلّ به في قوله بالحرمة من جهة الرواية المذكورة يلزمه القول بالوجوب في الروايات المعتبرة والصحيحة بلا شبهة ، بل وبطريق أولى بمراتب
__________________
(١) في النسخ الخطّية : ( لم يذكر ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٢٣ / ٥٥٨.