مع أنّه ، على فرض تسليم الغلط الواضح من وجوه كثيرة لا تحصى ، وأنّه (١) في خصوص « التهذيب » كان قائلا بالحرمة ، فلا شكّ في رجوعه عنه في جميع كتبه ، بحيث لم يعتن بشأنه أصلا إلى أن ترك ذكره بالمرّة حتّى في مقام المستحبّات والمكروهات ، بل في مقام احتمال الاستحباب والكراهة ، فليس ذلك إلّا لكمال ظهور خطئه إلى أن لم يستأهل للإشارة إليه في مقام من المقامات ، مع كون عادته كمال الاحتياط في الفروج ، وكمال المسامحة في المستحبّات والمكروهات ، وكمال اعتنائه بشأن أخبار الآحاد ، وغير ذلك ، ومع جميع ذلك صدر منه في جميع كتبه ما صدر ، فتدبّر!
ثمَّ إنّه قس على كتاب الشيخ كتاب « المختلف » و « المنتهى » وأمثالهما من كتب الفقهاء الّتي ذكروا فيها الأقوال وإن كانت شاذّة ، بل وخالية عن المستند بالمرّة ، فضلا [ عن ] أن يكون مستنده رواية.
فبملاحظة مجموع الكتب المذكورة يحصل القطع بعدم قول بالحرمة أصلا ورأسا ، فلو كانت الرواية المذكورة قطعيّة الصدور حجّة ـ كما ادّعاه المستدلّ ـ كيف صار الحال فيها بذلك المنوال؟! فإنّ غالب الأخبار الضعاف الموهنة بالموهنات الظاهرة لم يصر بهذا الحال.
فإن قال قائل : لا نفهم كثيرا ممّا تقول ، لأنّ الحديث الّذي رواه شيخ منّا (٢) يكون مأخوذا من الأصول القطعيّة الصدور عن الأئمّة عليهمالسلام ، وما صدر من الفقهاء المتأخّرين والقدماء لعلّه اجتهاد منهم ، فيجوز خطؤهم وإن اتّفقوا كلّ الاتّفاق.
نقول له : إذا جاز الخطأ عليهم في حال إجماعهم ، وأنّهم أجمعوا على الخطأ ،
__________________
(١) في النسخ الخطّية : ( واححه أية؟ ) ـ بدون تنقيط ـ والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) كذا ، والظاهر أنّ المراد : ( الحديث الّذي رواه الشيخ هنا ).