يجوز الخطأ منهم في مقام نقل الحديث أيضا ، لعدم عصمتهم ، فكيف صاروا في مقام نقل الحديث المعصومين وفي غيره غير معصومين؟! مع أنّه ورد في أخبار كثيرة وقوع الخطأ من الرواة البتّة في مقام نقلهم الرواية ، وأنّ ذلك ربّما صار منشأ للاختلاف في الأخبار.
وفي بعض الأخبار في شأن عمّار الموثّق ـ الّذي أجمع الشيعة على قبول روايته (١) ـ « أين يذهب؟ ما قلت كذا ، بل قلت له كذا » (٢). إلى غير ذلك.
فإذا كان مثل هذا وقع منه الخطأ ، فما ظنّك بغيره ممّن لم تعرفه ، بل وممّن قال علماء الرجال : إنّه كذّاب ، وأمثال ذلك ، بل وأشدّ من ذلك ، مع أنّ الواسطة جماعة ، كلّ واحد منهم يجوز عليه الخطأ.
مع أنّ كون الأصول قطعيّة في زمان الصدوق والشيخ مقطوع بفساده ، لأنّ الشيخ صرّح بخلاف ذلك في أوّل « الفهرست » (٣) وغيره ، وادّعى في « العدّة » إجماع المسلمين على العمل بالأخبار الظنّية من زمن الرسول صلىاللهعليهوآله إلى زمان القائم عليهالسلام (٤) ، وصرّح في أوّل « الاستبصار » بأنّ الأخبار الّتي يقع فيها التعارض كلّها ظنّية (٥) ، وعرفت معنى التعارض عنده.
وأمّا الصدوق ، فقد صرّح ـ مكرّرا ـ أنّ تصحيح حديث بمجرّد أنّ شيخه ابن الوليد صحّحه (٦) ، وهذا ينادي أنّ الأصول لم تكن قطعيّة عنده ، ولذا احتاج
__________________
(١) لاحظ! عدّة الأصول : ١ / ٣٨١ ، تعليقات على منهج المقال : ٢٤٣.
(٢) لاحظ! الكافي : ٣ / ٣٦٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧٠ الحديث ٤٥٤٠.
(٣) الفهرست للطوسي : ٢ و ٣.
(٤) لاحظ! عدّة الأصول : ١ / ٣٣٨.
(٥) لاحظ! الاستبصار : ١ / ٤.
(٦) لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٥٥ ذيل الحديث ٢٤١.