خلافيّا لتعرّضوا له كما تعرّضوا لسائر الخلافات النادرة في ذلك المقام.
وبالجملة ، المطّلع على طريقتهم ، والمتأمّل في كلامهم يظهر له ما ذكرنا.
وممّا يدلّ عليه ، ما سنذكر من حمل الفقهاء صحيحة يعقوب بن شعيب على صورة الشرط.
وممّا يؤيّد أيضا ، أنّهم ذكروا الحيلة لجعل المدّة في القرض لازمة بأن تجعل شرطا في عقد لازم (١) ، ولم يتعرّض واحد منهم لذلك بالنسبة إلى النفع أصلا.
وممّا يؤيّد (٢) أيضا ، أنّ غير المصرّحين والمظهرين لم يذكروا لهم اصطلاحا في لفظ النفع في المقام ، ولم يشر إلى ذلك غيرهم أيضا ، بل لا شكّ في أنّهم ما غيّروا لغتهم فيه ولا أحدثوا اصطلاحا أصلا في ذلك ، مع أنّهم يسمّون المعاملة محاباة ، والمحاباة بعينها منفعة ، مع أنّهم في كتاب الربا يذكرون الحيلة ، وفي كتاب القرض اتّفقوا على الحكم بالتحريم مطلقا ، واستثنوا صورة التبرّع خاصّة ، من دون تعرّض إلى حيلة اخرى ، وذلك لأنّهم في حيلة الربا يشترطون أن لا تقع مشارطة فيها ، ولا يبقى سوى التبرّع.
وممّا يشهد ، أنّ المظهرين والمصرّحين في كتبهم المختصرة وافقوا غيرهم في الإطلاق المذكور ، فعلم أنّ مرادهم ما يطلق عليه لفظ النفع لغة وعرفا مطلقا ، لأنّ الأصل حمل اللفظ على حقيقته وحمل المطلق على إطلاقه ، سيّما كلام الفقيه في مقام فتواه ، إذ معلوم ـ حينئذ ـ أنّ مراده ما هو نفع عند الناس ، حيث ما ينبّه على خلاف ذلك ، خصوصا مع اتّفاق كلّهم في مقام الفتوى على الإطلاق إلّا قليلا منهم ، وذلك القليل أيضا صرّح بالعموم والشمول لتلك
__________________
(١) لاحظ! جامع المقاصد : ٥ / ٢٥ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٩ / ٨٢ ، مفتاح الكرامة : ٥ / ٥٤.
(٢) في ألف ، ب : ( وممّا يدلّ ).