هذا ، مع أنّ الحلال واحد ، إذ لا وجه للزوم المحذور لو جعل شرطا هناك وعدم اللزوم هنا.
فإن قلت : ليس ها هنا قرض.
قلت : كيف لا يكون قرض؟ فإنّ الّذي يعطيه القرض يريد عوضه ، بل المشهور يقولون : لا يمكنه أخذ عين ماله وإن كانت موجودة (١) ، وغير المشهور ، وإن كان يجوّز ذلك (٢) ، إلّا أنّه يجعل طلب العين فسخ المعاملة ، من جهة أنّ المعاملة ليست بلازمة ، وذكروا صيغة القرض أنّه : أقرضك كذا ، أو : خذه وعليك ردّ عوضه ، أو : خذه بمثله ، فتدبّر.
على أنّك عرفت أنّ جمعا كثيرا من الفقهاء قالوا بأنّ القرض بشرط تلك المعاملة حرام (٣) ، فالباقون من الفقهاء إن كانوا مخالفين لهم في ذلك ، فكيف يمكنهم الحكم بحرمة شرط مطلق النفع من دون تقييد بعدم تلك المعاملة ولا تعرّض أصلا ، سيّما وأن يتّفقوا على ذلك ، وخصوصا بعد ملاحظة ما ذكرناه؟!
مع أنّهم ربّما يحكمون بحرمة اشتراط الرهن على دين آخر ، أو الكفيل أو الضامن أو الاستقراض أو البيع بثمن المثل ، وأمثال ذلك (٤) ، وهذا ينادي ببقاء الإطلاق في كلامهم على حاله ، وأنّه يشمل العقود ، لأنّ كلّ واحد من الكفالة والضمان وأمثالهما عقد ، فضلا عن البيع ، وينادي أيضا بأنّهم يحرّمون شرط تلك المعاملة أيضا ، بل بطريق أولى بمراتب.
مع أنّ الهبة وغيرها من العقود الجائزة لا تنحصر صيغتها في لفظ : وهبت
__________________
(١) لاحظ! كفاية الأحكام : ١٠٣.
(٢) لاحظ! كفاية الأحكام : ١٠٣.
(٣) راجع الصفحتين : ٢٤٣ و ٢٤٤ من هذا الكتاب.
(٤) لاحظ! الدروس الشرعيّة : ٣ / ٣١٩.