تحصيل الزيادة بمثل الهبة والمصالحة لشاع وذاع ، على حدّ نظائره من المسائل الشرعيّة ، بل الأمر فيما نحن فيه أشدّ ، لما عرفت من شدّة الرغبة ونهاية المشقّة ، مع رغبة المستقرضين لاحتياجهم ، وتشابه أجزاء الزمان ، وبني نوع الإنسان.
هذا حال استدلالهم على تعميهم الربا في المعاملات.
وأنت لو تأمّلت وجدت أنّ هذا الدليل كما يدلّ على ذلك التعميم يدلّ ـ أيضا ـ على بطلان الحيل الّتي يرتكبها هؤلاء الأعلام ، بل ودلالته أشدّ وأظهر ، لوجود الخلاف في ذلك بين المسلمين ، وعدم وجدان خلاف هاهنا ، فأيّ عاقل يرضى بأن يقول : أقرضك ألف تومان على أن تعطيني تومانا زائدا ، أو بشرط أن تعطيني عشر معشار فلس ، ويعرّض نفسه لهلكات الدنيا والآخرة ، ولا يرضى أن يقول : أن تهب لي تومانا ، موضع : تعطيني تومانا ، وليس فيه حزازة أصلا لا في الدنيا ولا في الآخرة ـ كما توهّم ـ بل ولا يرضى أن يقول موضع تعطيني تومانا : تهب لي مائة تومان أو ألف تومان ، أو يقول تهب لي ألف تومان بإزاء فلس تأخذ منّي.
والشاهدون أعرف بالخطاب من الغائبين ، أتظنّ أنّهم بأجمعهم كانوا عشّاق لفظ ( تعطيني ) أو ما ماثله؟! كلّا ، بل وكانوا محبّين للمال ، وعرض الدنيا من دون تعب في تحصيله ، ولا خوف في تلف أو خسران ، لأنّ التجارة لا تخلو من التعب وخوف الخسارة ، ومع ذلك لا شكّ في أنّ الله تعالى أشفق على عباده منكم ، وكذلك رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أنّهما يحبّان اليسر والتوسعة في الدين والسهولة والسماحة ، فلم أبقيا العباد في الضيق والشدّة ، وما أرشداهم إلى طريقة التخلّص والحيلة ، وتركاهم عاصين متمرّدين ، وفي الطغيان متمادين؟!