بعض الأخبار ، سيّما أن يكون ضعيفا سندا ودلالة.
وعلى تقدير تسليم الدلالة ، فيكون مهجورا عند الفقهاء ، ومع ذلك يعارضه ما هو أقوى منه بمراتب شتّى ، مع أنّ المسائل الفقهيّة مبنيّة على مرجّح واحد ، فكيف ما نحن فيه لا ينفع فيه المرجّحات ، مع أنّ من المرجّحات فتوى الفقهاء ، سيّما واتّفاقهم في الفتوى؟! ألا ترى أنّ هؤلاء الأعلام وغيرهم يحكمون بأنّ رضاع يوم وليلة ـ مثلا ـ يحرم ، وليس دليله سوى خبر غير صحيح موافق لمذهب العامّة أو أوفق بمذهبهم (١).
وما ورد من أنّه لا يحرم ما لم يكن [ في ال ] حولين (٢) صحيح ، متعدّد ، مخالف لمذهب العامّة ، ومع ذلك لا يفتون به ، وكذا الحال في غالب الفقه ، وغير خفي أنّ المنشأ هو فتوى الفقهاء ، فكيف لا يعتبر في المقام؟ سيّما مع الانضمام بمرجّحات أخر كثيرة كلّ واحد منها يعتبرونه في الفقه على حدة على حدة ، ويبنون الأمر عليه ، بل عرفت أنّ الأمر يؤول إلى العلم بعد التأمّل الصادق.
وأعجب من هذا أنّهم في غير المقام ، وإن رجّحوا حكما إلّا أنّهم يحتاطون احتياطا تامّا ـ كشرب التتن في الصوم وغيره ـ وفي المقام لا يحتاطون أصلا ، ولا يبالون مطلقا ، مع عظم خطره وشدّة ضرره ، بل قد عرفت أنّه مع عدم الترجيح في المقام لا يمكن الحكم بالصحّة ، فكيف مع المرجّحات الكثيرة في جانب الفساد يحكمون بالصحّة البتّة من دون شائبة تأمّل أو احتياط أو تجنّب عن شبهة؟!
وممّا يضعّف دلالة هذه الأخبار ، أنّ المحدّثين من الأخباريّين أيضا فهموا من
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٧ / ٣١٥ الحديث ١٣٠٤ ، وسائل الشيعة : ٢٠ / ٣٧ الحديث ٢٥٨٦٠.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٠ / ٣٨٦ الحديثين ٢٥٨٩٧ و ٢٥٨٩٩.