ثمَّ إنّه من التأمّل في جميع ما ذكرناه ظهر حال رواية عبد الملك من أنّ الظاهر هو استحلال القرض بشرط المعاملة المحاباتيّة ، ومفاد الرواية هو حيلة المعاملة المحاباتيّة بشرط تأخير أجل الدين ، وأين هذا من ذاك؟!
هذا ، بعد تسليم وضوح الدلالة على الشرط ، وكونه واقعا من الطرفين بحيث يرفع اليد عن جميع أدلّة الفقهاء وفتاواهم بمجرّد هذا الوضوح ، سيّما وأن لا يبقى شبهة أصلا ورأسا ، ولا يحتاج إلى الاحتياط مطلقا ، وخصوصا أنّ هذه الرواية ـ مع ضعفها ـ مضمرة أيضا ، وليس الراوي من الثقات والأجلّة حتّى يقال : إنّ مثله لا يروي عن غير المعصوم عليهالسلام.
فانظر أيّها العاقل إلى حالة الأدلّة من الطرفين ، واتّفاق الفقهاء ، واتّفاق هؤلاء على خلافهم.
بل من التأمّل في الأدلّة يظهر أنّ استحلال صورة العكس ـ الّتي هي محلّ النزاع بين المحقّق والعلّامة رحمهماالله ـ أيضا محلّ الإشكال ، لضعف هذه الأخبار سندا ، بل ودلالة أيضا ، لما عرفت من الإشكال في كون وضوحها بحيث يترجّح على إطلاق الأدلّة المانعة ، بل وكون بعضها في صورة العكس أظهر ، مثل صحيحة يعقوب (١) ، لأنّ ترك الاستفصال يفيد العموم ، والمذكور في السؤال بالترتيب المذكور أظهر أفراده.
مع أنّ الظاهر أنّ السؤال نقل حكاية ، ولعلّ مثل ذلك يكون ظاهرا في مطابقة النقل المحكي بحسب الترتيب أيضا ، فتأمّل.
وممّا ذكر ظهر أنّ المحقّق غير متفرّد ، بل كلّ من حمل صحيحة يعقوب على الشرط لم يوافق العلّامة رحمهالله ، ويكون شريكا للمحقّق ، سيّما إذا كان رأيه أنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٥٦ الحديث ٢٣٨٣٨ ، وقد سبقت الإشارة إليه آنفا.