وإلّا فبين الأمر الشرعي الواقعي والظنّ الحاصل للمكلّفين فرق ظاهر ، وتفاوت بيّن ، فكيف يمكن أن يكون أحدهما موضعا للآخر وعوضا بغير رخصة من الشرع وتجويزه؟!
سيّما مع أنّ الشارع صدر عنه ما يدلّ على عدم اعتبار (١) الظنّ ، بل والمنع عن اعتباره ما يزيد على القدر المعتبر في التواتر (٢).
مع أنّ القرآن ـ الّذي هو من المتواترات ـ مذكور ذلك فيه كرّات [ و ] مرّات (٣).
ولذا ترى علماء العامّة ـ فضلا عن الخاصّة ـ في كلّ موضع اعتبروا ظنّا ، ما اعتبروه إلّا بدليل قطعي ، أو ينتهي إلى القطع (٤).
ولذا منعوا عن اجتهاد من لم يحصل له رتبة الاجتهاد ، وحكموا بحرمته ، وإن كان ظنّه مطابقا لظنّ المجتهد ، لأنّ الاعتبار عندهم بكبرى قطعيّة حاصلة للمجتهد ، لا الصغرى الحاصلة من ظنونهم ، وكذا الحال في المقلّد.
فإن قلت : معرفة العبادة أمر خارج عن ماهيّتها ، وهو مأمور بالعبادة.
قلت : لا شكّ في (٥) أنّه مأمور بالعلم والمعرفة ، والأخبار في ذلك متواترة (٦) ، ومضمونها متّفق عليه بين الأمّة ، وأنّها من الواجبات العينيّة.
فإن قلت : لا شكّ في ذلك ، لكن نقول : لعلّ مجرّد المظنّة يكون كافيا في
__________________
(١) في ب : ( اعتباره ).
(٢) لا حظ! وسائل الشيعة : ٢٧ الأبواب ٤ ، ٦ ، ١٢ من أبواب صفات القاضي.
(٣) انظر : الأنعام (٦) : ١١٦ و ١٤٨ ، ويونس (١٠) : ٣٦ و ٦٦ ، والإسراء (١٧) : ٣٦ ، والنجم (٥٣) : ٢٨.
(٤) لا حظ! المستصفى من علم الأصول للغزالي : ٢ / ٣٥٨ و ٣٧٣ و ٣٨٧.
(٥) لم ترد : ( في ) في ب.
(٦) المحاسن للبرقي : ١ / ٢٢٥ باب فرض طلب العلم ، الكافي : ١ / ٣٠ باب فرض العلم ووجوب طلبه ، وسائل الشيعة : ٢٧ الباب ٤ من أبواب صفات القاضي.