مع أنّها متأيّدة بعمل الأصحاب ، فإنّ الظاهر منهم الاتّفاق على هذا الأصل ، والأصل الكلّي إذا ثبت بدليل كان حجّة شرعيّة (١).
مع أنّ النجاسة الشرعيّة لا معنى لها سوى وجوب الاجتناب عن الصلاة معها ، والأكل والشرب بملاقاتها رطبا ، فضلا عن أكل نفسها وشربها ، وكذا وجوب الإزالة عن المسجد وأمثاله. وغير ذلك من أحكامها.
ولا شكّ في أنّ الأصل عدم الوجوب ، لانّه تكليف ، والأصل براءة الذمّة.
والطهارة الشرعيّة في مقابل النجاسة ، فمعناها عدم تعلّق تكليف بالاجتناب شرعا.
فإن قلت :
أصل البراءة حجّة فيما إذا لم يتحقّق التكليف به من جهة أخرى ، مثلا إذا انحصر الماء في الماء الّذي يحكم بطهارته من جهة الأصل يلزم على المكلّف الطهارة به لأجل الصلاة.
ولو لم يكن طاهرا لم يجب الطهارة للصلاة (٢) ، أو الطهارة فقط على القول بوجوبها لنفسها ، أو إذا نذر بفعلها مثلا.
فلو لم يكن طاهرا لم يجب الطهارة ، ومجرّد وجود مقتضي الوجوب لا يكفي في التكليف ما لم يكن الماء طاهرا ، فإذا طهر وجب ، وإلّا فلا وجوب البتّة.
فأصل الطهارة إن كان عبارة عن أصالة عدم التكليف ، يكون مقتضاه عدم ماهيّة التكليف وطبيعته ، ونفي جميع أفراده ، لا خصوص وجوب الاجتناب عنه ، فكيف يقتضي أصل البراءة وجوب الطهارة؟!
__________________
(١) في النسخ : ( والأصل الكلّي ثبت بدليل إذا كان حجّة شرعيّة ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : ( لم يجب الطهارة والصلاة ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.