السند الظاهرة الدلالة ، ونهاية وضوح وأنّهم استندوا إلى هذه الأخبار في حكمهم بالتحريم بحيث لا يبقى شبهة ، وأنّهم ما استندوا إلى قياس أصلا كما ينادي إلى ذلك كتبهم ، يقول هؤلاء المتأخّرون : إنّه لا دليل لهم سوى قياس باطل (١) ، وإنّ الأصل والعمومات تقتضي الحلّية من دون شائبة معارض أصلا سوى القياس الباطل ، ولأجل هذا ردّوا عليهم واختاروا الحلّية ، فكيف يبقى وثوق بهذه الشهرة على تقدير تسليمها؟ مع أنّه لم يظهر شهرة سوى ما عرفت ، بل ولا يمكن ظهورها ، لما عرفت ، فتأمّل!
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الأقوى عندي الحرمة لوجوه :
الأوّل :
موثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام أنّه « سئل عن الزبيب ، كيف [ يحلّ ] طبخه حتّى يشرب حلالا؟ فقال : تأخذ ربعا من زبيب ـ إلى أن قال : ـ ثمَّ توقد تحته النار حتّى يذهب ثلثاه ـ إلى أن قال : ـ فإن أردت (٢) أن تقسمه أثلاثا [ لتطبخه ] فكله ـ إلى أن قال : توقد تحته بنار ليّنة حتّى يذهب ثلثاه » (٣).
وموثّقته الأخرى ، قال : « وصف لي أبو عبد الله عليهالسلام المطبوخ كيف يطبخ حتّى يصير حلالا ، قال عليهالسلام : تأخذ ربعا من زبيب وتنقّيه وتصبّ عليه اثني عشر رطلا من ماء ، ثمَّ تنقعه ليلة ، فإذا كان أيّام الصيف وخشيت أن ينشّ جعلته في تنوّر مسجور قليلا ، حتّى لا ينشّ ، ثمَّ تنزع الماء ـ إلى أن قال : ـ ولا تزال تغليه حتّى يذهب الثلثان ـ إلى أن قال : ـ ثمَّ اشربه ، فإن أحببت أن يطول
__________________
(١) في النسخ الخطّية : ( لا دليل لهم سواه قياس باطل ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) كذا ، وفي المصدر : ( فإذا أردت ).
(٣) الكافي : ٦ / ٤٢٥ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٢٩٠ الحديث ٣١٩٣١.