الجملة حتّى أنّ حفظه (١) لتحصيل سعادة الدارين أيضا نفع ، ولا شكّ في أنّه تعالى لم يجعل المسكر مسكرا إلّا لهذا النفع.
والحمل على كمال الانتفاع وإن كان أنسب في مقام الامتنان ، إلّا أنّه يوجب تخصيص العالم الّذي هو خلاف الأصل ، إذ الأصل هو الحمل (٢) على المعنى الحقيقي ، وسيّما هذا القدر من التخصيص ، فتأمّل.
مع أنّ معنى ( خَلَقَ ) والمتبادر منه هو الّذي خلقه الله تعالى بنفسه ، ومن حيث أنّه خلقه ، لا ما صنعه المخلوق فيما خلقه الله بأنّه جعله غاليا ومسكرا ، ويكون التأمّل فيما صنعه المخلوق ، وبالنسبة إلى صنعه ومن حيث صنعه ، لا من حيث أنّه خلق الله ، فتأمّل.
وممّا ذكر ظهر أنّه لا يحسن أن يقول : الأصل يؤيّد أنّه ( خَلَقَ لَكُمْ ) ، مضافا إلى أنّ تأييده وترجيحه إنّما هو بالنسبة إلى ما وقع فيه التعادل والتوقّف ، فيترجّح ما هو موافق للأصل ، والأمر في العام والخاص ليس كذلك ، لأنّ الخاص مقدّم بلا تأمّل لأحد.
فإن قلت : لعلّ الشهرة تؤيّد العام.
قلت : قد عرفت في صدر هذه الرسالة حال ما ادّعى بعض من الشهرة ، وأنّه لم يثبت هذه الدعوى بلا شبهة ، وعلى تقدير تسليم الثبوت لا نفع فيها أصلا ، بل هي داخلة في قولهم : ربّ مشهور لا أصل له.
هذا ، مع ما عرفت من مؤيّدات الخبر الدالّ على الحرمة ، وأنّها متعدّدة وكلّ نوع معها له أشخاص متعدّدة ، بل ستعرف أنّ الأخبار الخاصّة الّتي استدلّ
__________________
(١) في النسخ الخطّية : ( حفظ ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) في النسخ الخطّية : ( إذ الأصل والحمل ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.