كما في رواية حنّان (١) ، أو يقول « فأيّ نبيذ تعني؟ » ، كما في رواية الكليني (٢) ، أو غير ذلك ، ومع ذلك ما أجاب المعصوم عليهالسلام بأنّه ماء التمر ، ولم يقل له : أنت تعرفه ، فكيف سأل عنه ، ومع ذلك أجاب بنوع خاصّ وقرّر الراوي على حاله من عدم المعرفة واحتياجه إلى السؤال؟!
مضافا إلى اعتراضات أخر كثيرة تظهر بملاحظة ما ذكرناه في المقام من أوّله إلى آخره.
سلّمنا عدم الظهور في خلاف ما ادّعيت ، لكن الظهور فيما ادّعيت من أين؟!
فظهر ممّا ذكرنا فساد ما قاله في مقام توضيح استدلاله أنّ الأخبار تضمّنت انقسام النبيذ إلى قسمين ، وأنّ الحرام منهما ما كان مسكرا ، ولو كان هناك قسم آخر حراما ـ أعني ما غلى ولم يذهب ثلثاه ـ لبيّنه ، لأنّ المقام مقام الحاجة وتأخير البيان غير جائز إجماعا ، ولا يجوز جعله من أفراد المسكر ، لأنّه باطل بالضرورة (٣). انتهى.
وذلك لأنّه مبنيّ على ما توهّمه من الترادف بين النبيذ وماء التمر ، وقد عرفت عدم الثبوت ، بل وثبوت العدم.
على أنّ كون المقام مقام الحاجة إلى معرفة أحكام النبيذ محلّ نظر ، إذ لو كان كذلك لما حكموا بالحلّية مطلقا عند السؤال ، إذ لعلّ الراوي لم يكن يسأل بعد عن أمر ، فكان المناسب أن يفصّل في الجواب ، فما ذكره لا ينفعه ، بل يضرّه قطعا ، لأنّهم في بعض الأخبار حكموا بالحلّية مطلقا ، وفي بعض آخر ـ بل في أكثر
__________________
(١) الكافي : ٦ / ٤١٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٥٢ الحديث ٣٢١٠٦.
(٢) الكافي : ٦ / ٤١٦ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٠٣ الحديث ٥٢١.
(٣) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ١٣٩ ـ ١٤٠.