الأخبار ـ حكموا بالحرمة مطلقا ، وكلاهما عليه لا له ، وفي بعض خصّصوا الحلّية بخصوص ما ذكروه ، بحيث يظهر أنّ غيره حرام ، وهذا أيضا مبطل رأيه.
فجميع أخبار الباب حجّة عليه ، سوى رواية وفد اليمن ، وسيجيء الكلام.
على أنّه مرّ في صدر الرسالة إنّ المحلّلين يجوّزون دخول ما نحن فيه في النبيذ الحرام البتّة ، فإذا كان المحلّلون هكذا حالهم فما ظنّك بالمحرّمين؟!
وكما كان الأخبار كلّها حجّة عليه ، كان كلّها حجّة لنا ، سوى ما تضمّن الحلّية مطلقا.
ويظهر من هذه الأخبار أيضا حقّية ما نقول به ، لأنّهم أظهروا فيها أنّ ما حكمنا بحلّيته هو كذا وكذا ، وأنّكم إن كنتم تريدون النبيذ فهذا النبيذ ، بحيث لا يبقى تأمّل في أنّ الحلال هو قسم خاصّ لا نزاع في حلّيته.
وأمّا النكتة في حكمهم من أوّل الأمر (١) بالحلّ مطلقا ، هو أنّه لمّا ورد أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله توضّأ بالنبيذ (٢) وشربه (٣) ، وظهر ذلك بحيث توهّم جمع من أهل السنّة حلّية النبيذ المصطلح ، بل وصرّح بعضهم بأنّه كان في صدر الإسلام حراما ثمَّ نسخ (٤) ، ومع ذلك اشتهر عن أهل البيت عليهمالسلام حرمة النبيذ ، كان الرواة يبحثون ويسألونهم عن النبيذ ، فقالوا : حلال ، اتّكالا على ما اشتهر منهم من حرمة كلّ مسكر حتّى النبيذ ، وأنّ الرواة في مثل هذا بمجرّد هذا الجواب كانوا يقنعون (٥) ـ بل يفصحون ـ وتنبيها على أنّ النبيذ في الحقيقة هو الّذي كان في عهد
__________________
(١) في النسخ الخطّية : ( في حكمتهم من أولى الأمر ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٢٠٢ الحديث ٥٢٠ و ٢٠٤ الحديث ٥٢٢.
(٣) لاحظ! مستدرك الوسائل : ١ / ٢٠٩ الحديث ٣٧٨.
(٤) لاحظ! فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ١٠ / ٦٠.
(٥) في النسخ الخطّية : ( بمجرّد هذا الجواب كما يقنعون ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.