فنكاح نساء أهل الكتاب. ثم أورد أثرا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) (١) قال : ثم استثنى أهل الكتاب فقال : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (٢). وذكر بعده أثرا عن الأوزاعي شبيها بالأول ثم عقب أبو عبيد على ذلك بقوله : فرأي ابن عباس والأوزاعي أن الناسخ من الآيتين هي هذه التي في المائدة (٣).
قلت : عدّ أبو عبيد الاستثناء المصرح به في قول ابن عباس نسخا وفي ذلك دلالة على اعتماده مفهوم السلف للنسخ.
٣ ـ وفى باب الطلاق وما جاء فيه قال أبو عبيد : أما الطلاق فإنا لا نعلم فيه ناسخا ولا منسوخا إلا فى موضعين : فدية الخلع ، وعدة الوفاة.
فأما الفدية فإن حجاجا حدثنا عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس فى قوله : ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ) (٤) قال : ثم استثنى فقال : ( إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ .... ) (٥).
قلت : وقول ابن عباس صريح فى الدلالة على الاستثناء إذ أن « إلا » أخرجت المستثنى الذي بعدها عن دخوله في التحريم المنصوص عليه بأول الآية.
وقد سمى أبو عبيد هذا الأسلوب نسخا جريا على طريقة السلف.
٤ ـ وفي باب الشهادات قال أبو عبيد : قوله عزوجل : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ
__________________
(١) سورة البقرة آية ٢٢١.
(٢) سورة المائدة آية ٥.
(٣) انظر : باب النكاح ص ٨٣ ، ٨٤.
(٤) سورة البقرة آية ٢٢٩.
(٥) انظر : باب الطلاق ص ١١٣.