قال رحمهالله : التبرع بالشهادة قبل السؤال يطرق التهمة ، فيمنع القبول. أما في حقوق الله ، أو الشهادة للمصالح العامة فلا يمنع ، اذ لا مدعي لها ، وفيه تردد.
أقول : منشؤه : النظر الى أن التهمة المانعة من قبول الشهادة موجودة في الصورتين ، فيمنع القبول عملا بالعلية ، وهو خيرة الشيخ في النهاية (١) ، حكاه عنه صاحب كشف الرموز.
والالتفات الى أن حقوق الله تعالى لا مدعي لها ، فيجوز التبرع بالشهادة فيها قبل السؤال ، لانتفاء التهمة هنا ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢) ، على ما حكاه كشف الرموز ، وهو حسن حذرا من سقوط حدود الله الا نادرا.
قال رحمهالله في الطرف الثاني فيما يصير به الشاهد شاهدا : وما يكفي فيه السماع ، فالنسب والموت والملك المطلق ، لتعذر الوقوف عليه مشاهدة في الاغلب ويتحقق كل واحد من هذه بتوالي الاخبار من جماعة ، لا بضمهم قيد المواعدة ، أو يستفيض ذلك حتى يتآخم العلم ، وفي هذا عندي تردد.
أقول : منشؤه : النظر الى عموم النهي عن اتباع الظن ، ولا شك ان الاستفاضة ظن ، فيكون منهيا عن اتباعها ، وهو يقتضي عدم الاجتزاء بها.
لا يقال : ينتقض ذلك ، فان طرق أكثر أحكام الشريعة ظنية.
لانا نقول : الواجب العمل بالعموم حتى يظهر دليل الخصوص ، ولم يوجد هنا دليل دال على وجوب اتباع هذا النوع من الظن بخلاف ما ذكرتموه.
والالتفات الى أنه قول أكثر علمائنا فيكون راجحا ، فيجب اتباعه. أما الاولى فلان الكثرة أمارة الرجحان. وأما الثانية ، فلقضاء العقل بوجوب اتباع الراجح
__________________
(١) النهاية ص ٣٣٠.
(٢) المبسوط ٨ / ١٨٦.