وعنى بذلك ما رواه عمران بن الحصين أن رجلا من الانصار أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فقال قولا سديدا ودعاهم فجزاهم ثلاثة أجزاء فاقرع بينهم فاعتق اثنين وأرق أربعة.
ثم قال رحمهالله : والاول أصح عندنا. وانما اعتبر النبي عليهالسلام العدد ليساوي القيمة ، فحينئذ جعل واحدا ثلثا واثنين ثلثا وثلاثة ثلثا ، وتقرع بينهم على ما مضى (١).
وأما المصنف رحمهالله ، فقد تردد في القولين ، ومنشأ تردده : النظر الى ظاهر الخبر ، فانه دال على اعتبار العدد مطلقا. والالتفات الى أن في ذلك ضررا على الورثة ، فتعتبر القيمة كما في قسمة الدار الغير متساوية الاجزاء.
الرابع أن يمكن التعديل بالقيمة دون العدد ، مثل أن كانوا (٢) خمسة قيمة عبد ألف وقيمة آخرين ألف وقيمة الآخرين ألف ، فالتعديل هنا بالقيمة ، ومن خالف في الاولى وافق هنا ، اذ التعديل بالعدد غير ممكن هنا ، فلا بد من اعتبار القيمة.
الخامس : أن يعتذر التعديل عددا وقيمة ، مثل أن يكونوا خمسة ، قيمة واحد أربعة آلاف ، وقيمة اثنين ألفان ، وقيمة اثنين ألف ، فما الذي نصنع؟ فيه قولان أحدهما ـ لا يراعى قيمة ولا عددا ، لكن يكتب اسم كل واحد في رقعة ويخرج على الرقبة أو الحرية حتى يستوفي الثلث ، لانه اذا لم يمكن واحد منهما استوفينا الثلث على ما يمكن.
والقول الثاني : أن يجعل اثنان سهما واثنان سهما والخامس بينهما ويقرع ، فمن خرج اسمه من الاقسام الثلاثة كان حرا ، لانه أقرب الى ما فعله النبي صلىاللهعليهوآله من التعديل بالعدد. قال الشيخ رحمهالله : والقولان معا قريبان.
السادس : أن يكون كل ماله عبدين ، فانا نقرع بينهما ، فان خرجت قرعة
__________________
(١) المبسوط ٦ / ٥٩.
(٢) فى « س » : يكونوا.