أقول : منشؤه : اختلاف التفسير في قوله تعالى « فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً (١) » فقال الشيخ في المبسوط (٢) والخلاف (٣) : المراد بالخير هنا الامانة والكسب وبه قال الشافعي. وقال ابن عباس وصاحباه مجاهد وعطا : هو الفقه والامانة فقط.
وقال الحسن البصري والثوري : هو الاكتساب فحسب. فعلى هذه الاقوال جميعا تصح مكاتبة الكافر ، اللهم الا أن يقال : ان الكافر ليس محلا للامانة.
وقيل : هو الدين والايمان. واختاره الراوندي والمتأخر ، فعلى هذا لا تصح مكاتبة الكافر ، ولعله الاقرب ، اذ لا يقال للكافر عرفا وان كان مكتسبا أن فيه خير.
واعلم أن الشيخ رحمهالله في المبسوط قوى القول بالبطلان للآية السابقة ، ولقوله تعالى « وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ » (٤) أمر الله تعالى باتيانهم من الصدقة الذي هو عبارة عن مال الله ، وليس الكافر من أهلها.
قال رحمهالله : وفي اعتبار اتصال الاجل بالعقد تردد.
أقول : منشؤه : النظر الى الاصل الدال على الجواز ، ولان الكتابة نوع معاوضة ، فلا يشترط فيها الاتصال كغيرها ، وهو قوي.
والالتفات الى أنه عقد معاوضة ، فيشترط فيها اتصال الاجل بالعقد كالاجارة وهو اختيار الشيخ في المبسوط ، ونمنع اشتراط الاتصال ، سلمنا لكنه قياس وهو باطل عندنا.
قال رحمهالله : ولو قال : علي خدمة شهر بعد هذا الشهر ، قيل : بطل على القول باشتراط اتصال المدة بالعقد ، وفيه تردد.
__________________
(١) سورة النور : ٣٣.
(٢) المبسوط ٦ / ١٣٠.
(٣) الخلاف ٢ / ٦٥٥ ـ ٦٥٦.
(٤) سورة النور : ٣٣.